البترا .. خصائص جيولوجية تشكل نمطاً سياحياً يثري تجربة الزوار
ليست السياحة الأثرية التاريخية وحدها ما تمتاز به مدينة البترا، بل تزخر المدينة الوردية وما حولها بأنواع شتى من السياحات، يمكن أن تثري برنامج الزائر للمدينة إن استغلت ومنها السياحة الجيولوجية.
ومن أهم المظاهر الجيولوجية في مناطق البترا بحسب دراسة ميدانية أجراها اقليم البترا بالتعاون مع سلطة المصادر الطبيعية؛ التكشفات الصخرية والتي تري معظم الفترات والعصور والأعمار على السلم الجيولوجي، لتأثر المنطقة بعمليات تكتونية ناجمة عن حركة انفتاح وتوسع صدع البحر الميت، حيث تتكشف صخور القاعدة الجرانيتية في وادي نملة شمال غرب منطقة بيضاء البترا والتي تعود إلى فترات ما قبل الكامبري بعمر (650 مليون سنة).
كما تمتاز المنطقة وفقا للدراسة، بتكشفات الصخور الرسوبية والرمال التي تتكون من فتات معادن الفلدسبار وغيرها والتي تعود لعصري الكامبري والاوردوفيشي، حيث ترسبت في بيئات نهرية أدت الى نقلها وترسيبها انذاك، ومن ثم وللأعلى تتكشف مباشرة صخور العصر الكريتاسي وبوجود عدم توافق ترسيبي يفسر بعمليات؛ زوال صخور عصور معروفة كالسيلوري والجوراسي وانقطاع في الترسيب في تلك العصور.
وأشارت الدراسة إلى أن مرحلة الكريتاسي في المنطقة تتمثل؛ بصخور رملية متعددة الألوان تعود إلى رمال الكرنب من العصر الكريتاسي الأسفل، والتي تعلوها صخور جيرية وطينية بسماكات كبيرة تنتهي بصخور جيرية متبادلة مع صخور صوانية وفوسفاتية متصلبة تعود للكريتاسي الأعلى، وتعكس جميعها ترسبات بحرية متعددة الأعماق ناجمة عن تقدم وتراجع البحر المشهور بالتيثس.
وبينت الدراسة وجود تراكيب جيولوجية مثالية كالصدوع والطيات، والمقاطع الجيولوجية المثالية التي تتجمل بألوان زاهية، إضافة الينابيع والكهوف الطبيعية، والأحافير الممثلة لكافة العصور الجيولوجية.
وأكدت الدراسة أن أهم التراكيب الجيولوجية في البترا هي؛ صدع وادي موسى حيث تأثرت المنطقة بصدع رأسي اتجاهه شمال- جنوب؛ وهو احد الصدوع الرئيسية في جنوب الاردن.
وبينت الدراسة التي أجراها الجيولوجي هشــام الزيود والمهندسة ناهد الخلايفة والجيولوجية رابعة الفرجات، أن أهم ما يميز الصخور الرسوبية في البترا وجودها على هيئة طبقات (Strata) واضحة وممتدة.
وأكد مفوض البيئة وتنمية المجتمع المحلي في إقليم البترا الدكتور محمد الفرجات وهو أستاذ مشارك في علم الجيولوجيا والبيئة، أن المنطقة تعد متحفا جيولوجيا يمكن الزائر من رؤية مختلف أنوع الصخور والتراكيب الجيولوجية المختلفة.
وبين الفرجات أن السلطة تعمل على التمهيد من أجل إطلاق مشروع السياحية الجيولوجية من خلال التعاون مع سلطة المصادر الطبيعية، وتعد هذه التجربة الأولى من نوعها في المملكة.
ويهدف المشروع وفقا للفرجات إلى؛ إطالة فترة مكوث السائح والذي بدوره سيؤدي إلى انعاش سلسة الفائدة الاقتصادية وتنشيط القطاع السياحي، إلى جانب توفير فرص عمل جديدة وبالتالي التخفيف والحد من ظاهرتي الفقر والبطالة.
وأوضح أن كوادر متخصصة من مديرية البيئة في اقليم البترا قد قامت بترتيب جدول زمني للرحلات الميدانية وإعداد الخطط الخاصة بتنفيذ المشروع بالتعاون مع خبير جيولوجي من سلطة المصادر الطبيعية، إضافة إلى أنه تم حصر منطقة الدراسة المؤهلة كمنطقة جيولوجية سياحية، بحيث تكون رافدا لجميع المواقع السياحية الرئيسية في البترا.
وأضاف أنه تم تحديد مسارين رئيسين للمواقع، حيث تم تصنيفها على أساس مواقع حدائق ومنتزهات جيولوجية، واخرى مواقع جيولوجية، إضافة إلى تحديد أماكن التوقف على طول المسارين واخذ قراءات الإحداثيات باستخدام نظام GPS، والانتهاء من تقييم كل منطقة وتزويدها برسم مسارات، وتجهيز خارطة موقع لكل مسار بنظام GIS تظهر المعالم الجيولوجية والطرق الرئيسية والمسارات.
وقال أنه سينبثق عن المشروع؛ خارطة جيولوجية سياحية متكاملة، وقاعدة بيانات متكاملة لاقليم البترا بحيث تضم جميع البيانات والصور والخطط الخاصة بالمشروع، ودورة متخصصة للأدلاء السياحيين والمعنيين، إضافة إلى إعداد المنشورات الخاصة بالجيولوجية السياحية.
يشار إلى أنه تم اختيار مدينة البترا من قبل مختصين دوليين، كمركز لسياحة التأمل الذي تم إطلاقه مؤخرا بهدف تنويع المنتج السياحي المحلي، وإثراء تجربة السياح وإطالة مدة إقامتهم في المنطقة.
ويأمل عاملون ومهتمون بالشأن السياحي، أن تلقى هذه البرامج الاهتمام والترويج الكافي لتتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منها.
البترا - زياد الطويسي